سورة النمل - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النمل)


        


سخَّر اللَّهُ لسليمان- عليه السلام- الجنَّ والطيرَ، فكان الجنُّ مكلَّفين، والطيرُ كانت مُسَخَّرَةً إلا أنه كان عليها شَرْعٌ، وكذلك الحيوانات التي كانت في وقته، حتى النمل كان سليمان يعرف خطابَهم ينفذ عليهم حُكْمه.


قيل إن سليمان استحضر أميرَ النمل الذي قال لقومه: {ادْخُلُواْ مَسَاكِنَكُمْ} وقال له: أمَا عَلِمْتَ أَنِّي معصومٌ، وأَنَّي لن أُمَكِّنْ عسكري مِنْ أَنْ يطؤوكم؟ فأخبره أميرُ النمل أنّه لا يعلم ذلك؛ لأنه ليس بواجبٍ أن يكون النملُ عالماً بعصمة سليمان. ولو قال: لعلكم أبيح لكم ذلك.. لكان هذا أيضاً جائزاً.
وقيل إن ذلك النمل قال لسليمان: إني أَحْمِلُ قومي على الزهد في الدنيا، وخَشِيتُ إِنْ يَرَوْكُم في مُلْكِكم أَنْ يرغبوا فيها، فأَمَرْتُهم بدخول مساكنهم لئلا يتشوَّشَ عليهم زُهْدُهُم. ولَئِنْ صَحَّ هذا ففيه دليلٌ على وجوب سياسة الكبار لِمَنْ هو في رعيتهم. وفي الآية دليلٌ على حَسْنِ الاحتراز مِمّا يُخْشَى وقوعُه، وأَنَّ ذلك مما تقتضيه عادةُ النّفْسِ وما فُطِرُوا عليه من التمييز.
ويقال إن ذلك النمل قال لسليمان: ما الذي أعطاك اللَّهُ من الكرامة؟
فقال: سَخّرَ لي الريحَ.
فقال: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الإشارة فيه أنه ليس بيدك مما أُعْطِيتَ إلا الريح؟
وهكذا بيَّنَه الكبيرُ على لسان الصغير!.


{فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا}.
التبسُّمُ من الملوكِ يندر لمراعاتهم حُكْمَ السياسة، وذلك يدلُّ على رضاهم واستحسانهم لما منه يحصل التبسُّم، فلقد استحسن سليمان من كبير النمل حُسْنَ سياسته لرعيته.
وفي القصة أنه استعرض جُنْدَه ليراهم كم هم، فَعَرَضَهم عليه، وكانوا يأتون فوجاً فوجاً، حتى مضى شَهْرٌ وسليمان واقفٌ ينظر إليهم مُعْتَبِراً فلم ينتهوا، ومَرَّ سليمانُ عليه السلام.
وفي القصة: أن عظيم النمل كان مثل البغل في عِظَمِ الجثة، وله خرطوم. والله أعلم.
قوله جلّ ذكره: {رَبِّ أَوْزِعْنِى أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِى أَنْعَمْتَ عَلَىَّ وَعَلَى وَلِدَىَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضاهُ}.
في ذلك دليلٌ على أن نَظَرَه إليهم كان نَظَرَ اعتبارٍ، وأنه رأى تعريفَ الله إِياه ذلك، وتنبيهُه عليه من جملة نِعَمِه التي يجب عليها الشكرُ.
وفي قوله: {وَعَلَى وَالِدَىَّ} دليلٌ على أَنَّ شُكْرَ الشاكر لله لا يختص بما أَنْعَمَ به عليه على الخصوص، بل يجب على العبد أن يشكر الله على ما خَصَّ وَعَمَّ من نِعَمِه.
قوله جلّ ذكره: {وَأَدْخِلْنِى بِرَحْمَتِكَ فِى عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ}.
سأل حُسْنَ العاقبة. لأنَّ الصالحَ من عباده مَنْ هو مختوم له بالسعادة.

2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9